الحيوانات بالمحاكم

,’



إن أول ما تعلنه مبادئ حضارتنا .. في مجال الرفق بالحيوان .. أن عالم الحيوان كـ عالم الإنسان بالضبط
له مميزاته .. وطبائعه .. وشعوره

ويقول الله في كتابه الكريم :

[ وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ]

وبالرغم من هذا .. فقد أدعت بعض الأمم أنها أول من اهتم بالحيوان ..

وردا على ذلك الإدعاء الكاذب .. أسوق هذه الوقائع الطريفة .. التي تبدو كـ صورة هزلية رسمها فنان كاريكاتير .. شديد السخرية ..

أسوقها حتى نرى الفرق الشاسع .. بين الحضارة الإسلامية .. وبين حضارة غيرها


,’


• فـ من أطرف المحاكمات وأشهرها هي محاكمة الفئران في بلدة ( أوتون ) .. الفرنسية ؛ في القرت الخامس عشر .. فقد إتهمت الفئران في هذه القرية .. بالتجمهر في الشوارع بشكل مزعج مقلق للراحة

وتقدم للدفاع عنها .. محامي فرنسي ذائع الصيت إسمه : [ شاسانيه ] ..

وطلب [ شاسانيه ] .. التأجيل للفئران .. التي لم تتمكن من الحضور .. حيث فيها المريض والرضيع والعجوز .. وهي تستعد المثول بين يدي المحكمة .. إذا منحت فرصة التأجيل

فوفاقت المحمكة الموقرة .. على التأجيل لوقت معين .. ولما حان الوقت .. ولم تحضر الفئران .. قال محامي الدفاع للمحكمة :

[ إن الفئران تتذعن لأوامركم الموقرة .. وتود الحضور .. ولكنها يا حضرات القضاة .. تخشى وقوع الأذى عليها من القطط .. إن هي جاءت إلى هنا ]

فرد رئيس المحكمة قائلا : [ إن من واجبنا تأمين المتهمين على حياتهم .. ]

فطلب المحامي أن تأمر المحكمة بحبس قطط البلد كلها .. قبل مرور موكب الفئران في الشوارع .. لتكون مطمئنة .. والكلاب من المرور في الشوارع .. تأمينا للفئران .. أثناء حضورها .. إلى قاعة المحكمة

ولكن أهل القرية رفضوا تنفيذ ذلك .. فإضطرت المحكمة أن تحكم ببراءة الفئران .. لإنها حرمت وسائل الدفاع المشروعة .. وقد نال المحامي بسبب هذه القضية .. صيتا ذائعا وشهرة واسعة !!


,’


• ومن أغرب قضايا محاكمة الحيوان .. في القرون الوسطى ! .. محاكمة الديك الذي باض - ولا تسألوني كيف باض - فقد رفعت دعوى على ديك في مدينة [ بال ] بسويسرا .. عام 1474 مـ

لإنه باض .. وذلك في عرف الأوروبيون جريمة شنعاء .. ؛ إذ كان من المعرورف .. لديهم ان السحرة يبحثون عن بيض الديك .. ليستخدموها في أغراضهم الشيطانية .. وقدم الديك للمحاكمة .. ودافع عنه محاميه بقوله :

[ كيف يكون الديك .. مسئولاعن واقعة لا حيل له فيها ؟! ]

ولكن المحكمة صمت آذآنها عن قوله .. ولم تأخذ بنظريته .. بل أصدرت حكما بالإعدام على الديك المسكين .. وعللت ذلك بقولها :

[ ليكون في ذلك عبرة لغيره .. من الديوك !! ]

إن الصورة هزلية للغاية وخيالية إلى حد بعيد .. ولكن هذا ما كان يحدث بالفعل .. وماهذا إلا القليل

• ففي عام 1495 مـ .. وقعت قضية أخرى في فرنسا .. هي أغرب المحاكمات الحيوانية أيضا .. فقد رفع أصحاب مزارع العنب في مقاطعة [ سان جيولان ] .. دعوى على حشرات السوس .. بتهمة أنها أتلفت كرومهم ... وقضت على أشاجرهم .. وصناعاتهم .. وتجاراتهم

وتولى الدفاع عن هذه الحشرات إثنان من كبار رجال القانون .. وإستمرت القضية 40 عاما

وإنتهت بأن أصحاب الكروم .. سئموا التأخير .. فإتفقوا على إقطاع السوس قطعة من الأرض .. ليأكل فيها ما يشاء .. من زروع وأشجار


,’

• وعند قدماء الفرس .. كانت أغرب محاكمات الحيوان : ذلك أن الكلب المصاب بداء الكلب .. إذا عض خروفا فقتله أو إنسانا فجرحه .. تقطع أذنه اليومنى وإن تكرر ذلك منه .. قطعت أذنه اليسرى وفي المرة الثالثة .. تقطع رجله اليمنى .. وفي الرابعة .. رجله اليسرى .. وفيب الخامسة يستأصل ذنبه

<< يا لها من دموية

,’

• وفي شرائع قدماء اليونان .. كانت عندهم محكمة خاصة للحيوانات .. والجمادات المتسببة في هلاك الإنسان .. وكان يطلق على هذه المكمة إسم : [ البر يتا نيون ] .. وهو إسم المكان الذي كانت تعقد جلساتها فيه .. ومن نصوص هذه المحاكمات .. أنه إذا قتل حيوان إنسنا كان لأسرة القتيل الحق في إقامة دعوى على الحيوان .. أمام القضاء

ويختار أولياء الدم القضاة من المزارعين .. وفي حال ثبوت الجريمة .. يجب قتل الحيوان قصاصا .. وإلقاء جثته خارج البلاد .. ويستثنى من ذلك القتل الناشئ عن مبارزة بين الإنسان والحيوان في مسرح الألعاب العمومية .. فإن هذا لا يترتب عليه شئ ..

وإذا سقط جماد على إنسان فقتله .. اختار أقرب الناس للقتيل قاضيا .. من جيرانه ليحكم على الجماد أن ينبذ خارج الحدود .. ولم تكن مسؤولية الحيوان عندهم قاصرة على القتل .. بل هو مسؤول في الجنايات التي دون قتل .. فإذا عض كلب إنسانا . وجب على صاحب الكلب .. أن يسلم كلبه للمجني عليه مكمما مشدود الوثاق .. ليعذبه أو يقتله كما يشاء

,’

• وعلى العكس من ذلك .. تماما .. نجد حضارتنا الإسلامية قد إهتمت حقيقة بالحيوان .. ومضت شريعة الإسلام في تشريع الرحمة بالحيوان فتحرم .. المكث طويلا على ظهره وهو واقف .. فقد قال رسولنا الكريم :

[ لا تتخذوا ظهور دوابكم كراسي .. ]

وقد دخل ذات مرة بستانا لرجل من الأنصار .. فإذا به جمل .. فلما رأى الجمل النبي ص .. حن و1رفت عيناه .. فأتاه الرسول صلى الله عليه وسلم ..

فمسح دموعه وقال .. :

[ من صاحب هذا الجمل ؟ ]

فقال صاحبه : أنا يا رسول الله

فقال عليه الصلاة والسلام : [ أفلا تتق الله في هذه البهيمة .. التي ملكك الله إياها .. فإنه شكى إلى ان تجيعه وتدنبه ]

وحقا .. لقد تغير الحال الآن .. فنحن نجد الدول الأوروبية قد إهتمت بالحيوان .. حتى أنها أدخلته النوادي وأقامت له دور الرعاية .. ونسيت أو تناست .. أن هناك ملايين البشر .. يتمنون أن تتاح لهم نصف هذه الرعاية

وبعد .. فهذه مقارنة طريفة بعض الشئ .. بين موقف حضارتنا .. من الحيوان .. وموقف غيرنا من الأمم منه

ومنها .. يتضح بجلاء .. لكل ذي عينين أن حضارتنا كانت رائدة الحضارات منذ الأزل ..

وها نحن نرفع أكفنا إلى الله ضارعين .. آملين أن يعيد لنا سابق مجدنا .. وقديم عزنا .. وأن يجعلنا أقوياء بالحق لا بالرياء .. واللهم آمين

,’


أرجو أن تكونوا قد إستمتعتم بقراءة موضوعي المتواضع .. والذي خطته يداي .. ودمتم في حفظ الله جل وعلا






ولكم خالص تحياتى